index

التحمیل(PDF) و المقدمة:

.

 

المقدمة

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم

اُبتلي العالم الإسلامي – خصوصاً بلاد الشام عام ۶٩٨ ه‍. ق بهجمات عنيفة وشرسة من أحد المحسوبين على الإسلام. كان قد نَشَرَ الأفكار الباطلة والمنحرفة. فتصدّى له علماء المذاهب، والفقهاء إلى أن طُرد وحبس وضيّق عليه حتّى مات في الحبس – هذا بعدما نصحه القريب والبعيد، وحذّره الصديق والعدوّ، فلم يرتدع ولم يرجع من غيّه وضلالته.

ومن معاصريه الذين نصحوه شمس الدين الذهبي صاحب ميزان الاعتدال حيث خاطبه قائلاً:

«. . يارجل! باللّٰه عليك كفّ عنّا، فإنّك محجاج عليم اللسان لا تقرّ ولا تنام، إيّاكم والغلوطات في الدين كره نبيُّكَ المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال. . وكثرة الكلام بغير زلل تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام، فكيف إذا كان. . . تلك الكفريات التي تعمي القلوب. . . يا خيبة من اتبعك فإنّه معرضٌ للزندقة والانحلال، لاسيما إذا كان قليل العلم والدين. . فهل معظم أتباعك إلّاقعيد مربوط خفيف العقل! ؟ أو عامي كذّاب بليد الذهن! ؟ أو غريب واجم، قوي المكر! ؟ أو ناشف صالح عديم الفهم. . . يا مسلم! أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار! ؟ إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار! ؟ إلى كم تعظّمها وتصغر العباد! ؟ إلى متى تخاللها وتمقت الزهّاد! ؟ إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح – واللّٰه – بها أحاديث الصحيحين، ياليت أحاديث الصحيحين تسلم منك! بل من كل وقت تُغير عليها بالتضعيف والإهدار، أو بالتأويل والإنكار. .» ١.

وكاد الباطل أن يضمحلَّ بعد قطع دابر الذين ظلموا، لولا أن تصدّى بعض تلامذته، لمواصلة مسيره والترويج لمذهبه، ولكن تلك المحاولات باءت بالخيبة والفشل أيضاً، ولم يكن لها كبير أثرٍ على المسلمين، إلى أن ظهرت دعوة محمّد بن عبدالوهاب إمتداداً لدعاوى ابن تيمية، بدعمٍ عسكري من محمد بن سعود – وتحالفٍ بينهما – فكفَّر البلاد الإسلامية، وأنكر المسلّمات، وهاجَمَ المعتقدات، وانتهك الحرمات وسَفَك الدماء وقَتل الآلاف من الأبرياء.

فأحسَّ العالم الإسلامي بالخطر من جديد واستعدَّ للدفاع والمقاومة، وتأهَّب لحالة طواري جديدة، وكان أوّلُ من تصدَّى له والده ثم أخوه الشيخ سليمان حيثُ ألَّف كتاباً فنَّد فيه عقائدَ أخيه وأهاب وحذَّر المسلمين منها ودعاهم للوقوف بوجه هذا الغزو الفكري الخطر ثم توالت محاولات التصدي لمواجهة هذا التيّار مواجهة علمية من قِبَل علماء من جميع المذاهب الإسلامية، لتكذيب أحدوثته وتفنيد أباطيله بسيف الحجّة والبرهان.

وكان من الواجب على كل المسلمين القيام بدورهم في مواجهة هذه التيّارات، وتفنيد مبانيها، وإظهار خطأ معتقداتها، وفضح شذوذها، وبُعدها عن الإسلام.

وأنا بدوري كواحد من طلبة العلوم الدينية – في الحوزة العلمية – ومن آحاد المسلمين – أعلى اللّٰه كلمتهم – رأيت من واجبي القيام بتكليفي الشرعي في صدِّ هذا التيّار الهدّام من خلال إلقاء الدروس والمحاضرات، وتوعية الجيل الجديد على حقيقة هذه الدعوة الباطلة، وتحذيره ممّا يجري بإِسم الدين، وتوجيهه للقيام بمسؤوليته في القضاء على مثل هذه الأفكار.

وهذا الكتاب مجموعة محاضرات ألقيتُها في هذا الصدد.

وسيلاحظ القاري الكريم فيه أننا:

١ – ناقشنا الأحاديث التي تعتبرها الوهابية دليلاً تعتمده وترتكز عليه فيما تذهب إليه من الرأي الباطل، وأثبتنا خطأ ما ذهبت إليه. كما أوردنا آراء علماء الرجال بصدد رواتها، وأثبتنا ضعف تلك الأحاديث سنداً، حتى لا يبقىٰ للوهابية ما ترتكز عليه من رواية وحديث.

٢ – يمتاز هذا الكتاب عن بعض ما أُلِّف في هذا المضمار بكثرة الشواهد والنصوص التاريخية، لردِّ دعوى الوهابية، والفضل والفخر للإمامين العلمين: الأمين – صاحب كشف الارتياب – والأميني صاحب الغدير، الَّذين سبقا في بذل غاية الجهد في تفنيد الفكرة الوهابية.

٣ – اكتفينا في هذا الحقل بالمواضيع التي كثيراً ما تثيرها الوهابية كمسألة زيارة قبر النبي صلى الله عليه و آله وشدّ الرحال والقصد إليه، وزيارة القبور والتبرّك والتمسّح بها، وبالآثار، والصلاة والدعاء عند القبور، وفي المشاهد، والإسراج عندها، والنذر، ومسألة الشفاعة مع تفصيل ضروري فيها، والحلف بغير اللّٰه، وإقامة الاحتفالات وغيرها من المسائل التي تثيرها الوهابية، وكثيراً ما سمعناها ونسمعها من مشايخهم أيّام فريضة الحج سيما في الحرمين الشريفين.

ونسمعها من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف التي اُعدَّت خصِّيصاً للخوض في مناقشة الوافدين إلى الحج مناقشة محصورة في خصوص هذه المحاور، ولا شأن لها بمسألة الاحتلال الصهيوني، وخطط إسرائيل الشيطانية في المنطقة وفي العالم، ولا بمواقف أمريكا العدائية من المسلمين، ولا بقضايا الجزائر والسودان وافغانستان، أو مسلمي البانيا والبلقان.

وفي الختام نشكر صديقنا العزيز الاستاذ المحقّق علي الشاوي الذي أتحفنا بملاحظات قيّمة فله منّا جزيل الشكر.

هذا ونحمد اللّٰه تعالى على هذا التوفيق، انّه وليّ النِّعم.

قم المقدّسة / نجم الدين الطبسي

۴/شوال/١۴١٧ه‍.


١) – تكملة السيف الصقيل للكوثري: ١٩٠ – كتبه من خط قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة، وكتبه هو من خط الشيخ الحافظ أبي سعيد ابن العلائي وقد كتبه من خط الذهبي، وذكر شطراً منه العزامي في الفرقان: ١٢٩ – انظر الغدير ۵: ٨٩ – هذا وقد حاول البعض إنكار هذه الرسالة ونفىٰ صدورها عن الذهبي، ولكنها محاولة يائسة بلا طائل.


.

الوهابیة دعاوی و ردود

images4

 

0 پاسخ

دیدگاه خود را ثبت کنید

تمایل دارید در گفتگوها شرکت کنید؟
در گفتگو ها شرکت کنید.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *