13950305000636_PhotoA

آيه الله محمد رضا طبسي من جملة الأشخاص الذين هرعوا 40 كم الى النجف الاشرف  لاستقبال الامام الخميني تكريماً و تعظيماً له و لإحباط أعداء الاسلام.

.

في 18 شعبان عام 1322 (ه ق) في مدينة مشهد المقدسة أنعم الله على الشيخ عباس طبسي بطفل  أسماه محمد رضا

أمضى محمد رضا مرحلة طفولته و شبابه في طبس، و بتشجيع من والده دخل الحوزة العلمية بمشهد إلا أن أساتذة تلك الحوزة لم يستطيعوا أن يرووا عطشه لتعلم العلوم الدينية، لذا قرر في سن الثامنة عشر من عمره أن ينتقل إلى مدينة قم.

حيث كتب حول هجرته الى قم: ” في الوقت الذي كنت في مدينة مشهد، كانت الحوزة العلمية بقم في طور التأسيس،  في ذلك الوقت إنتقل المرحوم آيه الله حاج شيخ عبد الكريم مائدي يزدي  من اراك الى قم و شرع في تأسيس الحوزة العلمية. كتب المرحوم ملا هاشم قزويني و كان من كبار علماء مشهد رسالة للشيخ عبد الكريم يوصيه بنا. في عمر الثامنة عشر، إنتقلت إلى قم المشرفة  حيث خصص لي الحاج الشيخ حجرة في المدرسة الفيضية و كنا سبعة أشخاص نعيش كالإخوة مع بعضنا البعض في تلك الحجرة في المدرسة الفيضية.

الراتب الذي كنا نتقاضاه شهريا كنا نضعه في كيس، بحيث يمكن لأي منا أخذ ما يريده لشراء ما يحتاجه من لباس وغذاء وغيره، وعندما كان يأتي موعد الظهر كان يقف شخص منا في المقدمة و البقية كانوا يقتدون به.

محمد رضا طبسي أكمل تعلم السطوح في قم المقدسة.. حيث درس مكاسب شيخ الانصاري و كفاية الاصول للأخواند خرساني  عند آيه الله سيد علي يثربي كاشاني. و أنهى دراسة رسائل الشيخ الانصاري عند آيه الله سيد محمد تقي خوا نساري. و درس رياض المسائل  تحت إشراف العارف و الفقيه المعروف آيه الله ميرزا جواد السيد ملكي تبريزي، ثم إتجه لدراسة البحث الخارج في الفقه و الاصول، خلال هذه الفترة التي استمرت سبع سنوات استفاد الشيخ الطبسي من وجود الحاج الشيخ عبد الكريم حائري يزدي مؤوسس الحوزة العلمية في مدينة قم.

تعلم الفلسفة و العلوم العقلية تحت إشراف عدة فلاسفة و حكماء هم ميرزا على اكبري و سيد ابو الحسن رفيعي قزويني، و درس فصوص الحكم  لمحي الدين عربي عند العالم و العارف الشهير ايه آلله محمد علي شاه ابادي. لقد كان الشيخ محمد رضا الطبسي خلال فترة اقامته في قم ملازما لاستاذه و محبوبه ميرزا جواد السيد ملكي تبريزي، حيث تعلم منه الاخلاق و السلوك.

و أما الشرف الأكبر لكونه تلميذاً للآيات العظام حائري يزدي و شاه آبادي و ملكي تبريزي، فقد كان تعرفه على آية الله السيد روح الله الموسوي الخميني، حيث كانا صديقين متحابين و دائما يدرسان و يتباحثان مع بعضهما البعض.

رغم حصول آية الله محمد رضا طبسي في تلك السنين على العديد من شهادات الإجتهاد، لم يتوقف عن طلب العلوم و معارف أهل البيت عليهم السلام. و بعد سنين هاجر من قم إلى النجف الأشرف. هناك تتلمذ على أيدي علماء كبار منهم  ميرزا محمد حسن نائيني، السيد ضياء الدين عراقي، الشيخ محمد حسن أصفهاني المعروف بالكمباني، ميرزا علي ايرواني و السيد أبو الحسن الأصفهاني. في تلك الفترة الممتدة لسنوات كان آية الله الطبسي محل ثقة الجميع، و أصبح عضوا في مكتب إستفتاءات آية الله السيد أبو الحسن الإصفهاني الذي كان المرجع الأكبر في تلك الفترة، و على مدى خمسة عشر عاما إستفاده خلالها من وجوده في حضرة المرجع أبو الحسن الإصفهاني. و في نفس الوقت تعلم و إدخر من علوم الكلام و تفاسير آية الله الشيخ محمد جواد بلاغي.

كان آية الله الطبسي مهتما أيضا في الأمور السياسية في تلك الفترة. في الواقع خلال نهضة الإمام في العقد الأربعين و قبل نفي الإمام، كان آية الله الطبسي عبر نشر مذكرات و وثائق يدعم الحركة الإسلامية للشعب الإيراني و الإمام الخميني. و لم يكن يتردد في إرسال رسائل و صور يهدد بها أعوان و مسؤولي نظام الشاه. في هذا السياق و ضمن رسالة وجهها لرئيس وزراء النظام الشاهنشاي كتب ” سيد العلم! لا تتصرف بحيث ينقلب العلم عليك.

في نفس الأيام التي تم فيها نفي الإمام الخميني إلى العراق،  شاءت الأقدار أن يلتقي الصديقان القديمان مجددا، لم يتوانى آية الله الطبسي الذي عرف تماماً الابعاد الفكرية والروحية للامام الخميني لحظة لمساعدة الإمام بشكل جدي ،و عمل جاهدا على شرح و توضيح الأفكار الثورية للإمام.

لا بد من القول بأن أحد الأهداف الرئيسية لحكومت بهلوي من نفي الإمام الخميني إلى العراق تكمن في عزل  وإذلال الامام ومحو شخصيته أمام الجمع الكبيرمن الشخصيات  العلمية العظيمة  في الحوزة العملية للنجف الاشرف، لكن الأصدقاء المقربين الصادقين والوفيين كآية الله الطبسي في النجف حطموا أهدف تلك الحكومة النجسة حينما تم استقبال واحترام الامام من قِبله وقِبل بعض العلماء والمراجع والطلبة خاصة الايرانيين منهم.

آيه الله محمد رضا طبسي من جملة الاشخاص الذين هرعوا 40 كم الى النجف الاشرف  لإستقبال الامام الخميني تكريماً و تعظيماً له و لإحباط اعداء الاسلام.

في هذا الصدد، فإن آية الله محمد رضا الطبسي لحظة دخول الامام إلى النجف الأشرف ألغى صلاة الجماعة في الحرم المطهر لأمير المؤمنين عليه السلام وهرع حيث يقيم الامام صلاة الجماعة في مسجد الشيخ الانصاري، وذلك لأجل اثبات وجود الامام واحتراماً له.

أيضا، كان هناك ارتباط  وثيق بين آية الله والامام وذلك خلال الفترة التي أقام فيها الامام في النجف الاشرف، و بطبيعة الحال فإن دعمه للإمام لم يكن في تلك الفترة فقط بل كان متواصلا و مستمرا.

مرة أخرى شاءت الأقدار أن يبتعد هذان الصديقان الحميمان عن بعضهما البعض، حيث إنتهت مدة نفي الإمام إلى العراق، و تم نفيه إلى بلدان أخرى.

في العام 1350 هجري شمسي أتخذ النظام البعثي العراقي قراراً  بإخراج الايرانين من البلاد. آية الله الطبسي  كان من  بين رجال وعلماء الدين الذين أجبروا على ترك العراق بسبب الضغط الذي خلقه النظام البعثي العراقي، وبرغبة شديدة من الشيخ الطبسي إختار المجيئ إلى مدينه قم المقدسة حيث كان محط إهتمام من قبل المراجع والعلماء واساتذة الحوزة العلمية.

مرة أخرى كان للقدر خيارا بأن يلتقي آية الله الطبسي مع الإمام الخميني، كان ذلك مع إنتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1357.

في تلك السنوات كان الشيخ الطبسي يعتبر دعم و مساندة الامام الخميني والثورة الاسلامية هو دعم للامام المهدي المنتظر(عج). و حتى آخر لحظة من حياة آية الله الطبسي خلال سنوات الدفاع المقدس كان مدافعاً عن جنود الإسلام و المجاهدين، حتى أنه قدم إبنه شهيداً فداءً لهذه الثورة، و بات بكل فخر والد شهيد. و كان دائما يحث الآخرين على الذهاب إلى الجبهة و المشاركة في الدفاع عن البلاد، كما كان يتمنى لو أنه ليس كبيرا في السن و ضعيف الجسد لأن ذلك كان يمنعه من الذهاب إلى الجبهة و يمنعه من الدفاع عن البلاد جنبا إلى جنب مع المجاهدين.

لقد ترك آية الله الطبسي العديد من الاعمال والكتابات والمؤلفات، التي تحوي آثاراً قيمة وخالدة، كما في “حفظ الصالحين في شرح الملاحظة للمتعلمين” و التي تحتوي على دورة كاملة في الفقه الإستدلالي.

كان آية الله الطبسي دائماً يلتفت في مؤلفاته إلى الشبهات الموجودة في المجتمع، فيسعى  للإجابة عنها، على سبيل المثال، لرد الشبهات التي نسبت لابي طالب والد أمير المؤمنين علي عليه السلام، كان آية الله الطبسي يحضر شخصياً في مجالس العزاء على حضرة أبو طالب كما أنه ألف كتاباً حول شخصيت ابي طالب تحت عنوان ” منیة الراغب فی ایمان أبو طالب ” وبعد ذلك تُرجِمَ هذا الكتاب إلى الفارسيه تحت عنوان “ابوطالب یگانه مدافع اسلام “.

“الاعتقادات” “القول الفصیح فی اصول الدین الصحیح” “الشیعه و الرجعه”  و” ذخیره العباد فی ما یتعلق بالمعاد” من الاثار التي بقيت من هذا الفقيه الرباني .

أيضاً حول الطابع الاخلاقي والفضائل الاخلاقية و المعنوية للمرحوم، نُقلت أحاديث كثيرة نذكرمنها باختصار: معظم السنوات الطويلة التي قضاها في النجف الاشرف،لايملك جهازاً لتبريد المنزل ولا حتى براداً لتبريد الطعام، وعندما أراد ابنه ان يوفر له براداً، كان يمانع ويقول :” ليس من الضروري أن نمتلك براداً في حين أن هناك بعض الطلبة الحوزويين محرومين منه  “.

آية الله السيستاني قال في وصفه أيضاً :” كان من أعضاء الحوزة العلمية في النجف الأشرف”، كررهذه الجملة ثلاث مرات وقال :” بالرغم من هذاإلا أنه عاش حياته زاهداً عالماً تاركاً الدنيا وملذاتها.”

وبعد مرور 77 عاماً من حياة هذا العالم الجليل وفي قم المقدسة انتقل إلى رحمة ربه ، وبعد التشيع وإقامة الصلاة عليه  من قبل آية الله مرعشي نجفي ،نقل إلى الصحن رقم 38 في الحرم المطهر لكريمه أهل البيت عليهم السلام السيدة المعصومة ودفن هناك. عاش سعيداً ومات سعيداً.

0 پاسخ

دیدگاه خود را ثبت کنید

تمایل دارید در گفتگوها شرکت کنید؟
در گفتگو ها شرکت کنید.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *